السورية سهى سلوم شاعرة الأنوثة والعاطفة 
بقلم: شاكر فريد حسن

من حمص السورية يأتينا صوت شعري عابق بشذا الليلك والياسمين الشامي، باهظ الرقة والعذوبة، مشع كالقناديل، جريء، صادق البوح والتعبير، يمتلك الايحاء الشعوري والخيال المجنح، الذي يشحن نسيجها الشعري والنثري بحالات عنيفة، وصور حسية ونفسية وجمالية، ويمنحه قوة وترابطًا وثيقًا كأنه سلسلة ذهبية أو عقد بديع الصنع.
إنه صوت الصديقة الشاعرة سهى سلوم، التي تشغل مربية للغة الانجليزية، وتنشر كتاباتها في عدد من المواقع الالكترونية وعلى صفحتها الفيسبوكية وفي بعض الصحف الورقية، وصدر لها حتى الآن 3 دواوين شعرية وهي: ” ذاكرة زهرة الليلك، ربة العاصي، وعشق الغياب “، بالإضافة الى كتاب مشترك مع الروائي المصري ابراهيم جاد اللـه بعنوان ” كن انت “.
نصوص سهى سلوم وجدانية وعاطفية انسانية ورومانسية ووطنية ناضجة، تزخر بالإحساس الدافئ والأنوثة الجياشة. فهي تسرق المشاعر، تحلق في فضاءات الجمال والدهشة، وتطوف على بساتين المفردات، تحافظ على جماليات النص بشعرية المتداول اليومي، وتميل إلى المفردة الواضحة، والجملة البسيطة الدالة بيسر، وتمتاز بسهولة اللفظ، ووضوح المفردة وسلاستها، والتلاعب بالكلمات والالفاظ، والتفنن بالمعاني، بأسلوب متجانس شكلًا ومضمونًا.
سهى سلوم في نصوصها وقصائدها ونثرياتها تحاكي الحب والحبيب، تخاطب المرأة / الانثى، وتكتب عن همومها واحلامها، وتعبر عن عواطفها وانفعالاتها الوجدانية واختلاجاتها، تعانق الهم الإنساني، وجراح وطنها السوري، وتصور مدينتها. فتقول:
مدينتي التي أحب
صنعت من قوالب الحلوى
أحجار بناء:
هذا كوخٌ من حلاوة الجبن
وذاك مسجد من حلاوة
الجنة والنار
وتلك كنيسة من قطع الهريسة
وهذه طاولات حانة
من مستطيلات الشعيبيات
وذاك هرمٌ من الحلاوة الخبزية،
لتخبئ سر عشقها
بين دهاليزه.
سهى سلوم ترسم كلماتها التي تختارها بدقة وعناية لوحات نثرية مكثفة جميلة، مكتظة بالأحاسيس العاطفية المدهشة، المكتوبة بحبر الصدق والوجد، وتزخر نصوصها بالنزعة الوجدانية والروح الوطنية والعاطفة القوية الصادقة النابضة بالدفء والشفافية والعفوية التعبيرية، فهي تخرج من القلب وتقع في القلب.
إنها شاعرة الانوثة الايروسية، والعاطفة الصادقة، تحكمها رؤية وجدانية، تنجح في تصوير انفعالاتها المضطربة، مستخدمة مفردات وتراكيب لغوية تحدث جرسًا موسيقيًا داخليًا ورنين، ويلتقي في نصها الصور الشعرية الدالة واللماحة والفنية الجديدة المتوهجة بالمشاعر والألوان والايحاءات، والمحسنات اللفظية كالإيقاع والتنسيق. ولنقرأ هذا النص المشبع بحرارة الروح والايحاءات الجسدية:
ألبس أوراق السماء
في ليلة صيف نبيذية
أرفع كأس ورود خديك
لتثمل الشفاه بالقبل
أغزل لون الخمر
ثوبًا لتفاح نهدك
ولبياض الكتف
أطرز وريقات التوت
هوسٌ هو العشق
حين تجتاحك موجات زرقاء
مثيرة حد الإغماء. .
أنا فيض صيف
بانتظار مطرك
يغرقني
لست امرأة
أنا ظل روحك
أميل بهمسة هوس
وبأخرى أراقص وهج الشمس.
سهى سلوم شحرورة حمصية / سورية / شامية تراقص وهج الشمس، تسجع على أيكة الشعر والنثر، وتغرد على فنن بصوت وكلمات تحفل بالإحساس الانثوي وصخاب العاطفة، الذي بلامس كل قلب، وكل جسد، ويستفز كل نفس تتوق للجمال الشاعري العذب، والصدق العفوي، والتعبير الايحائي الموغل بالايروسية. فلها خالص التحيات، والتمنيات لها بدوام العطاء المتجدد، والحضور القوي، والاشعاع الساطع في المشهد الشعري السوري والعربي المعاصر.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم