حكايتي مع التطبيع // سهيل عطاالله

 

 

حكايتي مع التطبيع حيّرتني وما زالت تحيرني او بالاحرى تربكني.

عندما تتدحرج لفطة التطبيع من على ألسنة وشفاه الناس ترافقها الى اسماعنا هذه المفردات:

طبيعة – طَبْع – تطَبُّع!!

بعد سلام النظامين الاسرائيلي والمصري أتيح لمواطني اسرائيل زيارة ارض الكنانة حيث النيل والأهرام وأم كلثوم.. وفي زياراتنا كنا نذهب خاشعين الى ضريح جمال عبد الناصر فهو الذي بخطبه وكلامه تعلمنا على يديه الانتماء القومي ورضعنا حليب الشهامة العربية. في زياراتنا لهِبة النيل كنا نتجول في اسواق القاهرة:

قلب العروبة النابض.. في تلك الاسواق كان خفقان قلوبنا يوشك على التوقف بعد سؤالهم لنا عن مصدر معرفتنا للغة العرب لأننا اسرائيليون وطبيعة احاديثنا طبيعي ان تكون بالعبرية شحما ودما!

كم صُدمت مستهجنا استهجانهم لهويتي العربية ومعرفة لغة أمتي!!

لم ينته ارتباكي عند هذا بل كدت اختنق عندما سألني احد الباعة في المتجر إذا ما كنت مسلما؟ فأجبته انا من العرب الاقحاح.. فنظر إليّ والغرابة تطفو على محيّاه لرؤيته صليبا يتدلى من عنق زوجتي!! يبدو انه تعلم ان العرب هم المسلمون وليس غيرهم!

إذا كانت ثمار التطبيع سلاما حقيقيا بين اطراف المتنازعين سنحرسها ونرعاها لتبقى ثمارا مورقة يانعة، وإن كان التطبيع مثمرا لتقوم معه دولة فلسطينية سنهلّل له أجمعين.

قبل تمجيدنا التطبيع بين اسرائيل ودول العرب خليجية وغير خليجية، وقبل وضع التطبيع في دوائر الشر والحرام والتحوين علينا اقامة وبناء دوائر التطبيع في مناهج حيواتنا نحن العرب!! نحن امّة تتناهش فيها المذاهب وتأكل ابناءها الطائفية والقبلية والتحزبات والحزبية.

دعونا نعتلي صهوات خيول واحدة.. دعونا نتكاتف في زوارق اشرعتها واحدة ومجاديفها واحدة فنحن الذين نتنفس الهواء نفسه ونشرب المياه نفسها، فقبل الانشغال بالتطبيع مع الآخرين هلموا ندخل ابواب ونوافذ التطبيع سويّا في بيوتنا وربوعنا.. عندها سيسود السلام والوئام بيننا ومع غيرنا.

قبل تعاركنا حول التطبيع مع اسرائيل، دعونا نردد مزامير التطبيع بين ظهرانينا!!

تناهشاتنا للحصول على منصب بعد الانتخابات قطريا ومحليا.. حوارنا بالسكاكين والرصاص.. احترابنا الذي تفرزه عبادتنا لأصنام الجهل والثأر والغدر تُنغّص حيوات صغارنا وكبارنا.. بانقسامنا ننازع طبيعة السلام وطبائع وطباع الخيرين من الأنام.

موقع الملتقى غير مسؤول عن المقالات المنشورة التي تعبر عن رأي كاتبها والموقع يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير .

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم