موسى، النّسمةُ الشّماليّةُ لـِ "نادي الصّداقة"
موسى، النّسمةُ الشّماليّةُ لـِ "نادي الصّداقة"
يطلُّ، مغافلًا النّائمين، متسلّلًا، يمشي على رؤوسِ أصابعهِ، خلسةً، حاملًا لوحًا زجاجيًّا، يخطفُ روحَ موسى ويُلقي بلوحِ الزّجاجِ، من أعالي القدرِ عديمِ القلبِ، إلى قاعِ قلبِنا النّابضِ بالحياةِ. يتشظّى لوحُ الزّجاجِ في القلبِ، فلا تسلمُ خليّةٌ فيهِ منْ نزيفِ الحزنِ يفيضُ من جسدِ القريةِ المفجوعةِ والمجموعةِ في أجسادٍ باكية: خليل وأحلام، ألِس وجريس، حنّا، رلى، شادي وفادي.
لقد حرمتَنا أيّها القدرُ من طلّتنا، من الشّرفةِ الشّماليّة، لنادي "الصّداقة"، نادي المحبّة، نادي خدمةِ النّاسِ بما يفيدُ النّاسَ، نادي العملِ السّياسيِّ والوطنيِّ، نادي وحدةِ البلدِ والشّعبِ والإنسانيّة، حرمتَنا من طلّتنا على وجهِ الجميلِ السّموحِ العطوفِ ترقصُ على ملامحِهِ السّهلةِ ابتسامةُ الفرحِ والأملِ والتّفاؤلِ، دونَ حصاةٍ تحتَ أقدامِها الرّاقصة بانفعالٍ عميقٍ.
كيفَ جمعتْنا الطّريقُ بكَ، أيّها الرّاحلُ عنّا، وكيفَ غيّبتْكَ الأقدارُ عنّا، أيّها الباقي فينا؟! لغزٌ يستعصي على الحلِّ. كيفَ تذهبُ دونَ أنْ تُغادرَ، كيفَ تروحُ دونَ أنْ تفارقَنا، أيُّها الباقي في قلوبِنا؟! أُحجيّةٌ لا يقوى على حلِّها سوى مَنْ أحبّكَ يا موسى، وهم كثرٌ، يا حبيبَ القلبِ، فالمُحبُّ يبقى على عشقِ المحبوبِ رغمَ الأَعمارِ، والأسفارِ، والأقدارِ، واسألوا المحبّينَ المحزونينَ في كلِّ دارٍ ودارٍ.
عندما كنّا نأتي إليكَ بخطانا المستعجلةِ، كنتَ تقبِلُ علينا عاديًا نحوَنا برحابةِ صدرِكَ، وفرحِ عينيكَ، ودفءِ أنفاسِكَ الطّيّبةِ، وحُلْوِ كلامِكَ يخفضُ العسلُ أنظارَهُ خَجِلًا من حروفِكَ التي تفوقُ حلاوةِ سكّرِهِ، كنتَ تقدّرُ ما نمثّلُ، وما نعملُ من أجلِهِ، في ظروفِنا المعقّدةِ التي حوّلتِ النّاسَ إلى آلاتٍ لا تتوقّفُ عنِ العملِ لقضاءِ حاجاتِها الضّروريّةِ، كانتْ نظراتُ الرّضا والتّقديرِ في عينيكَ اللّامعتينِ بالصّدقٍ، تشحنُنا بطاقةٍ هائلةٍ، كنّا نشعرُ بما لم تقلْ، دونَ حاجةٍ منكَ لأنْ تقولَ شيئًا، وتلكَ هي مقدرةُ المحبّةِ التي ميّزتْكَ فأغنتْكَ ورفعتْكَ وأسكنتْكَ في قلوبِ محبّيكَ، أيّها المُحبُّ، الحبيبُ، المحبوبُ والأحبُّ موسى خليل جريس.
ربّما تلتقي في رحلتِكَ المجهولةِ بجدّكَ حنّا، وبعمّ الوالد سخي، وبالكثير من رفاقِنا وأحبابِنا الذينَ سبقوكَ، ولكنّنا سنواصلُ بالتّأكيدِ مشوارَ عمرِنا معَ عائلتِكَ الكريمةِ العزيزةِ العريقةِ، عائلتِكَ حسنةِ السّيرةِ والمسيرةِ، صاحبةِ الموقفِ الصّديق لحزبِنا وجبهتِنا، صاحبةِ الموقفِ الوطنيّ الذي جمعَنا بِها في طريقِ عمرِنا، صاحبةِ العلاقات الطّيّبة معَ جميعِ النّاسِ وصاحبةِ الأخلاقِ الرّفيعةِ والنّفوسِ الوديعةِ.
- نعيشُ في ظروفٍ اجتماعيّةٍ خطيرةٍ، وغيرِ عاديّةٍ، نتمنّى فيها أن يزيدَ أمثالُكَ بينَنا لا أنْ يقلّوا، فما أصعبَ فقدانَكَ يا موسى في هذهِ الظّروفِ التي يسيطرُ فيها العنفُ على المشهدِ العامِّ رويدًا رويدًا، بدونِ أدنى شكٍّ سنفتقدُكَ أكثرَ، وسنشعرُ بعمقِ خسارتِكَ أكثرَ فأكثرَ، ولكنَّ عزاءَنا بالباقينَ من أهلكَ الكرامِ، ومن أبنائِكَ، وبما تركتَ فينا من محبّةٍ لكَ، واحترامٍ لسيرتِكَ الطّيّبةِ وتقديرٍ لعُلُوِّ أخلاقِكَ. سنطلُّ من شرفةِ "نادي الصّداقةِ" الشّماليّةِ لنراكَ مُبتسمًا في وجوهِنا تُقبِلُ علينا قبلَ أنْ نأتيَ إليكَ، يجمعُنا الحبُّ، وتحضُننا نفسُ الطّريقِ، وستبقى في قلوبِنا صديقًا عزيزًا، بل أعزَّ صديقٍ.
إياد الحاج
كفرياسيف – 20/2/2020
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم
تعليقات