(في تأبين من أحزن بغيابه بهجة العيد ساعة حضورها، جلال فوزي خوري)
"الجلال والجمال والسّناء والبهاء"
(في تأبين من أحزن بغيابه بهجة العيد ساعة حضورها، جلال فوزي خوري)
اسمحي لنا يا بهجة العيد أن نحزن اليوم، أن نعبس في وجهك وأنت ضيفة عزيزة، أن ننشغل عن النّظر في عينيك لئلّا يفضح الدّمع ما نحن فيه، فاليوم مختلف عن أمثاله، إنّه يوم فقدان عزيز على قريتي العزيزة، إنّه يوم فقدان الغالي جلال خوري.
كنت تطبع حروف الفرح في نفوس النّاس، فكيف نطبع حروف الحزن على غيابك ونحن نجهل الطّباعة يا طابع الفرح، لقد طبعت في قلوبنا ابتسامة الأزهار التي استحمّت في النّدى وأشرقت عليها شمسنا تنشّف عطرها المندّى يفوح ويملأ المدى.
أبناء صفّك ينزوون لا يصدّقون النّبأ، ولا يريدون أن يصّدّقوا، فلا تُطل وقوفك بالباب أيّها النّبأ، اذهب إلى عناوين أخرى، علّها تنخدع باندفاعك، وعبوسك، وبكائك، فهم لن يصدّقوك مهما بالغت بانفعالك. أفهمهم جيّدًا يا جلال، ليس سهلًا لمن عرفك أن يقرّ بغيابك.
وكأنّ روحك في أيّامك، الأخيرة تطلب مهلة من قابضها، لتطوف في طرقات البلد، تزور البيادر، مهد الطّفولة وعنفوان الشّباب، هناك حيث ينام ظلّ المئذنة في ساحة الكنيسة، وحيث تمشي الكنيسة في ساحات الخضر دون أن تفارق هيكلها، هناك، حيث يغار الحمام الأبيض من طهارة روح البلد.
كانت لك صولات وجولات في مقارعة المرض، وكنت ذلك الرّياضيّ الذي عهدناه، في ملعب الشّباب، تنظر إلى الوراء لترى كلّ المتسابقين معك يلهثون خلفك، كنت تكسب الجولات بتسجيل النّقاط، وتنتصر عليه، ذلك المرض، حتّى غافلك بالضّربة القاضية، فليس هذا بانتصار مشرّف لك أيّها المرض، وستبقى يا جلال فينا عبرة للتّحدّي وصمود الإرادة حتّى النّفس الأخير.
لقد أحببنا أجمل الأناشيد "موطني" الذي أبدعه شاعرنا الوطنيّ الخالد إبراهيم طوقان، وعشقنا البلاد التي تغنّى بها النّشيد، بلادنا فلسطين، ليس لجمال النّشيد فقط، وليس لجمال البلاد فقط، بل لجمال أهل البلاد التي تغنّى بها النّشيد، فبأيّ جلال تغنّى طوقان غيرك؟!
"الجلال والجمال والسّناء والبهاء" في رباك يا بلادي، فكيف يكون أعزّ منك في هذا الكون الفسيح؟! كانت الدّنيا جميلة بحضوركم، وأصبحت البلاد عزيزة عزيزة عزيزة بغيابكم! عهدًا يا بلادي أن نصون حضورنا فيك، كما نصون حضورك فينا!
- جلال الكثير خلفه وهو يمضي، يترك تفاؤله، تحدّيه، حبّه لعائلته، انتماءه لبلده، روح عطائه، جيرته الحسنة، معاملته الطّيّبة، سموّ أخلاقه، إسراعه لتقديم العون، ابتسامته المؤمنة بالخير القادم، صفاء قلبه، الكثير من العسل الذي يقطر من لسانه، وعائلة رائعة من زوجة فاضلة وأبناء صالحين وإخوة كرام، يترك جلال خوري وراءه جميع المتسابقين في شبابه ليحتلّوا الصّدارة بعده بكلّ ما كان وسيبقى يمثّله.
إياد الحاج
2/5/2022
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم
تعليقات