لمحة عن لغة اللادينو حسيب شحادة جامعة هلسنكي
لمحة عن لغة اللادينو
حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
اللادينو ּمشتقّة من اللفظة /Latinus/Latin, أو جوديو إسّپَنْيول (Djudeo espanyol، Judezmo, el espanol muestro، Dzhudezmo, or Spaniolit، الإسبانية اليهودية، لغة اليهود الذين طردوا من الأندلس، مستمّدة من لهجة إسبانية تعود إلى القرن الخامس عشر، ولا توجد لها أية منزلة رسمية في أيّة دولة، ويصل عدد الناطقين بها قرابة المائة وعشرة آلاف، كلّهم تقريبًا يعيشون في إسرائيل. تنتمي اللادينو إلى عائلة اللغات الهندو-أوروبية. هي إحدى ما يسمّى باللغات اليهودية كالإيدش والعربية اليهودية والآرامية اليهودية والفارسية اليهودية والإيطالية اليهودية والبرتغالية اليهودية والكتالانية اليهودية. ومن سمات هذه المجموعة من اللغات وجود العنصر العبري فيها المستمّد من الحياة الدينية مثل هذه المفردات: חכם, מלמד, קורבן, קבָּר, حكيم/رجل دين، مُدرِّس، قُربان، حانوتي. العنصر العبري في اللادينو ضئيل إذا ما قورن بلغات أخرى كالإيدش. وفي قصص اللادينو شخصية شعبية معروفة في الشرق الأوسط والبلقان هي جوحا/إجوها (جحا) شبيهة بشخصية الحيلم أو هِرْشل في قصص الإيدش.
تكلّم الشتات اليهودي باللادينو مدّة قرون بعد الجلاء الشهير من الأندلس عام ١٤٩٢ في بلدان البلقان والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وانجلترا والبرازيل وبوسنيا واليونان والمكسيك وبلغاريا، ومهاجرو تلك الأقطار إلى فلسطين أحضروا معهم هذه اللغة. تتحدّث باللادينو اليوم أقليات يهودية سفاردية في أكثرَ من ثلاثين دولة ومعظمهم يسكنون الآن في إسرائيل. وجودها في البلاد يعود إلى القرن التاسع عشر على الأقلّ.
معجم هذه اللغة وقواعدها مأخوذان في معظمهما من إسبانية القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وهنالك عناصر كثيرة جدًا من اللغات القديمة في شبة الجزيرة الإيبيرية مثل القطلانية القديمة والموزأراب (المستعربة) والبرتغالية الغاليسية. كما دخلت هذا المعجم ألفاظ من التركية العثمانية ومن هذه اللغات السامية الثلاث: العبرية والآرامية والعربية في المجالات الدينية والناموس والروحانيات، وبخصوص المفاهيم الحديثة اقترضت اللادينو من الفرنسية والإيطالية والبرتغالية واليديش. في اللادينو مئات من المفردات القديمة التي لا وجود لها في الإسبانية الراهنة. هنالك علاقة وطيدة بين آدب اللادينو والأدب الإسباني الكلاسيكي، قبل عام ١٤٩٢. وكان اليهود قد كتبوا الإسبانية في القرون الوسطى بالحروف العبرية.
في الماضي كتبت اللادينو بخط راشي (ربّي شلومو يتسحاقي، ١٠٤٠-١١٠٥) وبخط سوليتريو ومعظم الأدب مدوّن بهذا الخط، ولكن اليوم الخطّ اللاتيني هو المستخدم إلى جانب الخطّ العبري الراهن والخطّ الكيريلي. اللادينو لم تكن لغة الحياة اليومية لدى يهود تركيا والشتات بل لغة الصلاة وتعلّم التوراة. كتب كثيرة ترجمت إلى اللادينو مثل أسفار العهد القديم والمائدة الجاهزة (شُلحان عروخ) والمجلد من شعب يرطن (مِعام لوعيز) الذي يضم تفاسير ومدراشيم وشرائع في الأخلاق وكان ربّي يعقوب كولي (١٦٨٩-١٧٣٢) أوّل من بدأ في تأليف هذا العمل.
تتكوّن لغة اللادينو من لهجتين أساسيتين: اللهجة العثمانية، التركية البلقانية وهي بدورها تنقسم إلى قسمين: لهجة جنوبية شرقية وأخرى شمالية غربية؛ واللهجة في شمال إفريقيا، الحاكيتية ، وقد اندثرت هذه اللهجة بسبب هيمنة العربية. وقد أعلنت إسرائيل أن الإيديش واللادينو لغتان في دائرة الخطر.
تخلّت اللادينو عن ألفاظ إسبانية مسيحية مثل dios أي الله بصيغة الجمع في الإسبانية أصبح في اللادينو بالمفرد El Dio، وكذلك Domingo أي يوم الأحد أصبح في اللادينو Alhat من ”الأحد“ العربية، على ما يبدو. كوّنت اللادينو على مرّ العصور ثروة لغوية في مجال الأمثال والحِكم وبعضها دخل اللغة العبرية عن طريق الترجمة، من هذه الحِكم نذكر ما معناه: بفم مغلق لا تدخل ذبابة؛ أولاد ومجانين يقولون الحقيقة؛ في قرية لا كلاب فيها يمشي الناس بدون عصي؛ إنّه يذهب إلى البحر ويقول لا ماء هناك (عن شخص معتوه)؛ حمارًا وُلد وحمارًا يبقى؛ الحمار يجلب القشّ ويأكله؛ اشتغل مقابل ذيل خيارة (مقابل زهيد)؛ فلان مسلّح بحبات الترمس (غير مستعد وغير مسلّح للمعركة)؛ وعن سليط اللسان يقال: له فم المرحاض؛ وعدوه براحيل وأعطوه ليئه؛ ليس كلّ يوم پوريم؛ وجه/سحنة تسعة آب؛ السمكة تنتن من رأسها؛ عملها في لباسه من كثرة الضحك؛ خذ إذا أعطوك واهرب إذا ضربوك؛
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم
تعليقات