يؤدي بركان خارق تحت منتزه يلوستون Yellowstone لتشكل الينابيع الحارة كالنبع المنشوري الكبير Grand Prismatic Spring (الموضح هنا) ونشاطات جيولوجية أخرى في المنتزه.

 ما تزال حفرة الصهارة تحت كالديرا يلوستون أحجيةً من عدة نواحٍ، ولكن الباحثين الآن أقرب من أي وقت مضى لفهم كيف أصبحت هذه الحفرة مولد طاقة البركان الخارق.

حسبما أفاد العلماء: "يكشف نموذج حاسوبي جديد للتصعد الصهاري عن 7 ملايين سنة من الاضطرابات تحت الأرض التي شكلت حجرات الصهارة المزدوجة التي تنشط كالديرا يلوستون في العصر الحديث".

يقول الدكتور إيليا بايندمان Ilya Bindeman المؤلف المشارك في الدراسة والعالم الجيولوجي في جامعة أوريغون: "إنها الرؤية الرقمية الأولى لطريقة توزع الصهارة في القشرة الأرضية".

تاريخ طويل ليلوستون تزعّم ديلان كولون Dylan Colòn طالب الدكتوراه لدى بايندمان المساعي لبناء النماذج. وفي السنوات الأخيرة صور علماء الجيولوجيا الصهارة تحت يلوستون مكتشفين كتلة من الصهارة بعمق يتراوح بين 2.5 و 8.7 ميل (بين 4 و14 كلم) ذائبة بنسبة 9 بالمئة، وكتلة أكبر منها بعمق 12.5 إلى 28 ميل (20 إلى 45 كلم) وذائبة بنسبة 2 بالمئة، يفصل بين الطبقتين الطريتين عتبة من القشرة غير الذائبة.

ولاكتشاف كيف أصبح الجانب السفلي في يلوستون يبدو بتلك الطريقة، قام كولون المؤلف الرئيسي للدراسة باستخدام "النمذجة التقدمية" والتي تعمل بشكل أساسي على إدارة سيناريوهات لما يفوق 7 ملايين سنة من المحاكاة للوصول إلى الوضع الحالي.

وقد قال بايندمان متحدثاً لمجلة لايف ساينس Live Science عن كولون: "لقد تمكن من اختيار المقاييس الواقعية ليلوستون والمقاييس التي تلائم الملاحظات الجيوفيزيائية والجيوكيميائية".

ونظراً لمطابقة النماذج للواقع من جميع هذه الزوايا قال: "نعتقد أن هذا ما يحدث تحت يلوستون". تتحرك القشرة فوق التصعد الصهاري في يلوستون قرابة 0.8 بوصة (2 سم) في السنة عند تحرك الصفيحة التكتونية في أمريكا الشمالية وفقاً لما قاله بايندمان، وهذا ما يخلق نوعاً من تأثير الحزام الناقل حيث يسبب التصعد الصهاري الثورات ضمن خط يتقدم ببطء عبر ملايين السنوات كما يبدو جلياً في تضاريس اليوم في سهل سنيك ريفر Snake River Plain.

تبعاً للنموذج الجديد الموصوف في مجلة البحوث الجيوفيزيائية Geophysical Research Letters في 16 نيسان/أبريل، ضربت مقدمة التصعد الصهاري القشرة منذ نحو 6.75 مليون سنة مضت دافعةً البازلت الذائب (وهو نوع من الصهارة) نحو القشرة لتشكل منطقتي الذوبان بعد 1.25 مليون سنة أخرى. بقعة ساخنة تفيد النتائج أن التصعد الصهاري أسخن من القشرة المحيطة بـ 315 درجة فهرنهايت (175 درجة سيلسيوس)، ويعمل كولون الآن على إعداد بحث حول جيوكيمياء النموذج كما أفاد بايندمان الذي قال مستكملاً أن الجيوكيمياء مهمة لأن صهارة يلوستون غريبة، فهي مستنفدة نظائر الأكسجين-18 أو ذرات الأوكسجين التي تحتوي 10 نيوترونات في نواتها بدلاً من الثمانية المعتادة.

يعرف الباحثون أن هذا الاستنفاد له علاقة بطريقة تفاعل النظام الحراري المائي للنوافير والينابيع الحارة في يلوستون مع القشرة، وهو الذي يغذي نظام الصهارة مشكلاً صهارة مستنفدة النظير الأوكسجيني -18، لكن من الصعب تفسير كيفية حدوث هذا مما يجعل الأوكسجين -18 المستنفد واحداً من "أكثر علامات التصعد الصهاري الجيوكيميائية تحييراً".

يأمل الباحثون أن النموذج الجديد سيوضح هذه التفاعلات الغريبة وقد يساعد في نهاية المطاف على التنبؤ بمستقبل يلوستون. وهذا النموذج حسبما يقول بايندمان: "يخبرنا بمكان الصهارة بدقة تصل إلى نحو نصف كيلو متر (نحو ثلث ميل) كما يخبرنا بتركيبتها وكميتها و...إلخ"، ويستطرد أنه مع تفاصيل إضافية قد يتمكن النموذج من مساعدتنا على التنبؤ بإمكانية ثوران الصهارة، آخر ثورة بركانية ليلوستون كانت منذ 640,000 سنة مضت.

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم