كلمة شقيقة المرحوم المربي نسيب جريس شحادة ناديا بصل
رحيل الغالي نسيب بالجسد
بسم الآب والابن والروح القدس، إله واحد آمين
رحل الصباح وتفجّرت شمس الجراح والحبّ ولّى راح
فارحل هنيئًا مبتسمًا مستبشرا ودع لقلوبنا غَوْر الجراح
بقلوب تعتصر لوعة وحُرقة نودّعك، والألم يلتحفنا وأمواج الأسى والجوى تجتاح شغاف قلوبنا. هربتْ، تململت، تملّصت الكلمات من أمامي، سالت الدموع مِدْرارا، هكذا عندما يخطِف شبح الموت الأحبّةَ الأعزّاء.
رحلت يا أغلى “الغوالي” مُبكّرًا، تاركًا الحسرة واللوعة متأجّجتين في أعماق أفئدة أفراد بيتك؛ زوجة ذات أصل كريم تنحني لها الهامات، مخلصة وفيّة فاضلة، لم تغادرك ولو هنيهة واحدة في أحلك الظروف وأعتاها؛ تذرِف دموعًا سخية بصمت وخشوع، بعيدًا عنك. فلذات كبدك إيناس وليزا، وبيكة التي تحمل اسم المرحومة والدتك التي بجّلتها ووقّرتها، يذرِفن الدموع وأية دموع! كيف لا يا عزيزنا نسيب! وأنت كنتَ أبًا حنونًا، كريمًا، مخلصًا، سندًا لهنّ ومرشدا. سلّحتهن بأقوى وأنجع سلاح، بالعلم والمعرفة، بالأدب والأخلاق الحميدة.
لا عجبَ ولا غرابة في كلّ هذا. كنتَ وستبقى نِبراسًا ساطعًا لطلاب العلم في الرياضيات والفيزياء فصيتك طبّق الآفاق، وقُدوة يُحتذى بها في الآداب والأخلاق والشهامة والرصانة والحكمة وعزّة النفس. أجيال تلو أجيال من الطلبة من شتّى قرى وبلدات الجليل الأشمّ نهلت وعبّت العلم والتفكير الرياضي على يديك، كما اغترفت أنت المعرفة والعلم من مدرسة ينّي ينّي الثانوية العريقة مدّة أربعة أعوام، ثمّ درّستَ فيها وكنت مديرًا لها قرابة الأربعة عقود من الزمن. ولك أيضًا أيادٍ بيضاء ناصعة في مدارس أخرى مثل المدرسة الشاملة في أبو سنان ولن يمحوها الزمن.
أحفادك وحفيداتك حفظهم الربّ ورعاهم، يفتقدون تلك الجلسات الحلوة الممتعة التي كانوا يقضونها بمعيّتك. أشقاؤك وشقيقاتك بقوا يرتشفون كؤوس الحزن والحسرة بصمت ووجوم فما باليد أيّة حيلة سوى الصبر والصبر. نعانق بعضنا بعضًا لما تبقّى من ذكريات لن تفنى ولن تذبل، كنت خيرَ جليس في بيتك العامر المفتوح للجميع وفي المدرسة بين الطلبة والزملاء. ساعدت كل طالب علم توجّه إليك في مادّتي اختصاصك.
وأخيرًا وليس آخرًا، رحلت مبكرًا يا غالي، يا حليم يا ألمعيّ، وعزاؤنا بأنّك باق في قلوبنا وأرواحنا وبأنّك خلّدت لنا ذكرى طيّبة وسيرة حسنة متألّقة، يعرفها القاصي قبل الداني، نعتزّ بها ونتفاخر بحقّ وحقيق.
فليكن ذكرك مؤبدا
وليكن اسم الربّ ممجّدا
الربّ أعطى والربّ أخذا
شقيقة الفقيد
ناديا بصل
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم
تعليقات