أجثو في محرابيهما

سهيل عطا الله

2023-03-28

في عالم الحداثة والتعددية والعنف على دمامة أشكاله يتحلّق الكثيرون حول موائد الحوار وخاصة حوار الأديان.

في شهر الرحمة والعبادة سرعان ما تنقلب موائد الحوار الى موائد افطار يجتمع حولها الصائمون وغير الصائمين.

ما أجمل ان يجمع الحوار الطيب أبناء الوطن الواحد!!

ما أجمل أن تتحول أيامنا الى تواصل من خلاله تدخل انفاس رمضان وروح رمضان أنساغ كل شهر على امتداد الايام والاعوام!

يعلّمنا المشاركون في ندوات الحوار ومآدب الافطار كيف نخرج من دائرة الظلام الى دائرة الانوار – دائرة الظلام تحيط بالتعصب والتشنج الطائفي وتغيب شرائع الله، أما دائرة النور فيسكنها تسامح وكلام طيب لا يُثمر الا خيرات وبركات تتجلى في نسيجها روائع التقوى والايمان بأن دين الله واحد وان الله هو رب العالمين وليس رب شعب معين مختارا لشعب واحد دون غيره من الشعوب!!

في دائرة الانوار لا مكان لاناس يحتكرون الدين لأنفسهم معتقدين ان غيرهم جماعة كُفار مارقين!!

بعيدا عن فضائل الشهر الفضيل وعن ندوات الحوار ينفلت من يسيء لأدياننا بإذكاء نيران الاحقاد والتعصب!!

ان التعصب الاعمى عدو لدود يستوطن خلايانا ويُسرطن كُريات دمنا وما علينا الا اجتثاثه كي لا يبقى في دوائر الظلام.

نجتث هذا الوباء بكلام ودروس ومواعظ تصدر من مدارسنا ومعابدنا مؤكدين اننا سواسية امام خالقنا الذي وهبنا نعمة بأن نكون على صورته ومثاله.

في تقرير عن المسيحية في بلاد الشام تألقت الشاشة الصغيرة عندما سألت اعلامية امريكية امام دمشق الدكتور العلامة احمد بدر الدين حسون: كم عدد المسيحيين في سوريا؟

فأذهلها جوابه: لدينا عشرون مليون مسيحي.. ألا تعلمين ان السوريين بغالبيتهم المسلمة يؤمنون بعيسى وبوالدته مريم سيدة البشر؟!

هكذا يُحصي الامام الدمشقي مواطني بلاده!

ما أسماه من فكر سام فيه تأكيد وتخليد لفكر سامق وهبه خالقنا لرسله أجمعين.

لو خرج هذا الكلام من فم كل رجل دين لأصبحت امتنا فعلا خير امة أُخرجت للناس.

كلام الامام الدمشقي يُذكرني بما تعلمته عن عظيم العرب وسلطانهم سلطان باشا الأطرش: في قرية القرّيا مسقط رأس السلطان تعيش أقلية مسيحية.. لقد رغب مطرانهم ان يبني لهم كنيسة في القرية.. كنيسة صغيرة تُناسب عددهم فعلم السلطان بالأمر وما كان منه الا ان يدعو مقاول البناء طالبا ان تمتد مساحة الكنيسة على ما حولها من ارض يملكها السلطان. لقد أعلم السلطان العظيم سيادة المطران ان كنيسة القرية يجب ان تتسع لكل سكانها دروزا ومسيحيين!!

هكذا هم عُظماؤنا.. سلطان وامام..

تعالوا نجثو في محرابيهما.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم