ألامن ألغذائي-بقلم الأستاذ محمد حسن الشغري-مرافع قانوني

كانت جدتي رحمها الله وكنت احبها جدا تقول لنا عندما نجتمع من حولها نحن الاحفاد الصغاروكنا ونحاول استدراجها الى ان تحكي لنا قصة او حكاية لم نسمعها من قبل منها ونلحَ عليها الى ان ترضى وتقول:اسمعوا يا أولاد:زمان ومش من زمن بعيد كانت الأوضاع مش كل ولا بدَ الناس عايشه على قدَها أو زي ما بيقول المثل"على قدَ فراشك تمَد اجريك"وكان الواحد منَا لما يطَب عليه ناس وبدَوا يعملهن افطور كانت ربة المنزل تفتش أولا عن توَفر العيش أي الخبز ثم تفتش ان كانت الدجاجات قد وضعن البيض وتضع المقلى وتزيد كمية الزيت وتفقس 3-4 بيضات حسب عدد الأشخاص الموجودين لتناول الطعام وتحضَر الزيتون صنف واحد أسود أو اخضر وتحضر راسين من البصل وتحضَر صحن من السلطة مكو ن من 3-4حبات بندورة وتملؤه بعد ذلك بسيقان الفجل الأخضر وتوزع الخبز على الحضور وبالاول الضيوف او غيرهم وتقول :بسم الله وهكذا يتناول الجميع الطعام وهم مبسوطين وتحضر القله وهي غبارة عن ابريق بشكل مختلف ويشربون منه وتحذر:اياكم وتقريب فمكم من الزنبوعة!! خصوصا بعد ان اكلتم البيض!! والكل ياكل وهو مسرور ثم تحضر قرطلة التين ان كان ذلك في موسمه أو بعض اكواز الصبر ليتحلوا بعد تناولهم للطعام وتضع ابريق الشاي على النار لان معظم الطهي يكون على الحطب واستغلاله وعندها يكون خارج المنزل نظيفا من بقايا الاخشاب وقطع الزيتون وتحضَر ابريق الشاي وتحضر علبة التتن أي الدخان ليلف زوجها له واحيانا لها سيجارة مرتبة مع ان معظم النساء في تلك الفترة من الزمن وربما اليوم ايضا يفضلَن شرب السيجارة مع بعضهن البعض)"وهكذا كانت الوجبة تنتهي والكل مسرور ثم تقوم أكبر البنات أو ربة المنزل باخذ الصحون لغسلها في مكان قريب من المطبخ وليس كما هو اليوم تقريبا معظم الناس ياكلون الطعام ويستخدمون الصحون والاواني البلاستيكية على الرغم من انها مكلفة اكثر من استخدام المياه لغسل هذه الاواني وعلى الرغم من ان مصلحة حماية المستهلك أوضحت بان المواد البلاستيكية تدوم طويلا لتبلى وان وصلت الى البحر أو النهر فانها بلا شك تؤذي الأسماك والثروة البحرية،لكن عبثا ولا حياة لمن تنادي،فالذين يغسلون الاواني و يتخذون الحجج والذرائع وربما يكون ذلك صحيحا بالنسبة لاظافر هؤلاء النساء أو الصبايا حيث انهن كل أسبوع او اكثر او اقل يتكلفون ما بين مئة الى مئة وخمسين شاقلا ان ذلك مكلف لها ومصروفات زائدة على ميزانية العائلة ومن كل هذه المصروفات التي في رأي البعض ضرورية وفي رأي آخرين ليست بضرورية وربما لو كانت مرة في الشهر لربما تكون مقبولة!!؟؟

اما في ما يتعلق بامور أخرى فان ربة البيت والتي كانوا يطلقون عليها بانها امرأة قوية ومدبرة فانها كانت تربي الحمام والدجاج وتطلب من الأولاد ان يصيدوا العصافير ليضيفوها الى صينية المحمر زيادة في وجود اللحم وزيادة البطاطا والبصل والفلفل الأحمر أي الدقة فتقوم الام بتقسيم الموجود على الحاضرين بحيث ان ذلك لا يشير الى البخل أو عدم القدرة على استضافة آخرين،فالاوضاع الاقتصادية كانت لا تسمح بتناول كل هذه الكميات التي نلاحظها اليوم،حيث نلاحظ أحيانا استهلاك كميات كبيرة من اللحوم والدجاج و..و..بحيث يمسك الشخص بشيش اللحمة ويلتهمة دون أن يتناول الخبز،واحيانا بحجة المحافظة على الصحة أي الدايت أو الحمية والتي غير معروفة ان كان لها رأس أم ارجل؟؟واكثرمن مرة كان الصغار يكتفون بالدقَة وربما بجناح عصفور،فتصوروا عائلة تتكلف الف شيكل فقط ثمن اللحمة !والله يكون في عون هؤلاء الذين يكونوا مضطرين لتناول مثل هذه الوجبات الباهظة!!ومن أية جهة يستطيع رب الاسرة توفير مثل ثمن هذه الوجبات؟وجميع الارشادات والحديث في الموضوع غير مجدية ولا حياة لمن تنادي،لأننا بحاجة الى توعية استهلاكية ونظام تغذية مفيد وغير مكلف وبالامكان تحمله أليس كذلك؟؟.

هنالك معطيات تشير الى ان 42%من المواطنين العرب في هذه البلاد يعانون من الفقر بطريقة او باخرى وان 50%من الصغار في المجتمع العربي من أطفال وغيرهم فقراء وكل هذا منوط بان تقوم الدولة بتكفلهم والعناية بهم وتوفير ليس لقمة العيش،بل بما يترتب عنه أمنهم الغذائي وليس فقط المأكل والمشرب،بل الملبس والمسكن وهل هذا متوفر؟الجواب لا وألف لا ولماذا؟لان الحكومات المختلفة لا تولي بما فيه الكفاية الاحتياجات الضرورية لمثل هؤلاء والذين هم بحاجة الى الرعاية والعناية ليعيشوا في أمن وأمان وتتوفر لديهم مقومات الحياة فان كان الراتب لكثيرين لا يسد الاحتياجات فكيف بالإمكان ان تتدبر هذه الاسر؟فهل الحد الأدنى من الاجر 5300 شيكل يكفي لمن؟والهستدروت تريد المطالبة برفعه الى 6000شيكل،لكن معدل ساعات العمل في البلاد 1900 ساعة سنويا وفي المملكة المتحدة 1600ساعة وفي المانيا 1400ساعة وهذه الدول هي دول الاو أي سيدي ونحن في هذه البلاد دائما نشير باننا في القمة ؟أية قمة،تصوروا لو ان كغم من الأسماك في بلادنا ما بين 50-70 أو اكثر،حَولوا هذا المبلغ الى عملة أوروبية فيكون السعر في العلالي مثلا في الدنمارك ما بين200-300 كرونة هذا شيء غير معقول،على الرغم من ان الدولة هناك تساعد ذوي الدخل المحدود،وعندما تتوجه الى المسؤولين يشيرون:انظر كم من الأماكن لبيع الأطعمة وانظر كم هم عدد الذين تشير اليهم بانهم من المحتاجين ويتناولون الأطعمة الجاهزة!!فوجبة لخمسة اشخاص لطعام الغذاء سمك او مشاوي او دجاج تكلف ما بين 800-1000 شيكل فهل هؤلاء بحاجة الى من يساعدهم؟؟!!لكن هذا لا يهمنا المهم ان توفر لهم الدولة الخضروات والبندورة باسعار معقولة والفواكه واللحوم والاسماك بحيث يستطيع كل صاحب اسرة ومهما كان عدد افرادها من تأمين الوجبات لاهل بيته،فهل يعقل ان يباع كيلو فاكهة الكيوي لخمسين أو أربعين شاقل؟ والتفاح الى عشرين والبندوره الى 15؟وهنالك من يقول لنا لماذا تشترون من الأماكن باهظة الأسعار؟ونحن نقول:المهم ان تراقب الوزارات ذات الصلة بالموضوع الاسعاروتحدد اسعارا مناسبة اليس كذلك؟اين المسؤولين في وزارة الصناعة والتجارة؟اين الدعم الحكومي والذي من المفروض ان يصل الى جيب المزارع وليس الى السماسرة؟ والتجار افتحوا المجال والامكانيات الى الاستيراد وبدون وضع الصعوبات امام من يريد الاستيراد،لقد كان هنالك نقص في الحليب ومنتجاته في فترة الأعياد لدى اليهود،لماذا؟لا يوجد أي سبب أو مسبب لذلك،فالدولة مكلفة بتوفير جميع ما يستحقه المواطن وباسعار مقبولة فهل العنب اصبح من الفاكهة النادرة ليصل السعر الى 30-25 شيكل ؟حرام يا ناس فكروا واضغطوا على الحكومة لتوفر لنا الغذاء والدواء وكل ما يتطلبه الانسان واستثمروا في الانسان وانتم أصحاب الحوانيت اعملوا على توفير المتطلبات لنعيش في مستوى لائق تتوفر فيه كل ما نحتاجه واعملوا على توفير جميع الإمكانيات لعدم تلويث البيئة وها نحن مقدمون على موسم قطف الزيتون هذه الشجرة المباركة وهذا العام أيضا موسم قحل ولا يوجد زيتون للقطف،لكن مخجل هذه الكميات من النفايات التي تواجه أصحاب كروم الزيتون وعلى السلطات المحلية منع هذه الفوضى ورفع صوتها لمطالبة الحكومة بتعوضهم مثلما هو الحال في إيطاليا وقبرص واسبانيا ودول أخرى تحترم مواطنيها وتهتم بامن غذائهم وصحتهم.

موقع الملتقى غير مسؤول عن المقالات المنشورة التي تعبر عن رأي كاتبها والموقع يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير .

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم