أيار بدون العمال-بقلم الدكتورمحمد حسن الشغري-كفرياسيف

جرت العادة ومنذ عام 1889 الاحتفال بهذه المناسبة الهامة والقيَمة بمسيرات وتظاهرات في مختلف عواصم دول العالم تكريما للعاملين والعمال والطبقة العمالية البروليتارية،وقبل انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الدول الشيوعية والاشتراكية كانت الاحتفالات تقام فيها والأجواء حدَث ولا حرج ولا ننسى المسيرات والتظاهرات التي كانت تقام في بلادنا في تل- أبيب والناصرة وأماكن أخرى والمسيرة الجليلية في كفرياسيف والتي كانت تنتهي بكلمات خطابية واهازيج احتفالية وطبول واناشيد وطنيَة وغير ذلك من مظاهر الاحتفالات والفرح،ولنذكر مسيرة الأول من أيار عام 1958 والتي تبعها الاعتداء على المشاركين من قبل الشرطة وحصل ما حصل في حينه ومنعنا نحن الذين قررنا المشاركة من بلدة كفرياسيف وكنَا صغار السن وركبنا في شاحنة المرحوم أبو الياس حنا نصر وتابعه شرطي على دراجة كبيرة جدا ومنعه من الوصول الى الناصرة وكان كلما وصل اليه ينزلنا من الشاحنة ونسير على الاقدام مدة وقطعنا مدينة شفاعمرو وبئر المكسور واستمرينا تارة في السير على الاقدام وتارة في الركوب بالشاحنة الى ان وصلنا مدينة الناصرة وشاهدنا الحجارة تتطاير وفوضى ضاربة اطنابها وسمعنا عن اعتقالات من قبل رجال الشرطة لمتظاهرين صغارا وكبارا وكان يوما ماطرا وهطلت الامطار على الناس والذين لم يعرفوا اين سيختبؤا منها ومن رجال الشرطة،وكانت أيضا مظاهرة أخرى في وادي الصليب في حيفا باشتراك ما سموَا في بعد بالفهود السود والذين رفعوا الشعارات التي نادت"بالعمل للعمال والخبز والعيش وضد الاضطهاد وشعارات أخرى.

ان الاحتفالات والتظاهرات في مثل هذا اليوم يأتي تخليدا للذين ناضلوا ضد الرأسمالية والامبريالية الذين كان همهم استغلال العاملين والدوس على حقوقهم من اجتماعية وغيرها وطالبوا بان تكون ساعات العمل فقط 8 ساعات وليس عبودية من 14-16 ساعة عمل واستغلال لا يوصف لحقوق الشغيلة والذين كانوا يذوقون المَر في أماكن عملهم،وفي عام 1884 اجتمعت عدة نقابات عمالية كندية وامريكية في مدينة شيكاغو الامريكية وقرروا الاضراب عن العمل اضرابا شاملا وفي عام 1886 توقف أكثر من 350 ألف عامل عن العمل في 20 ألف مصنع وتمَ قمعهم بالقوة واشتعلت النيران وكان كفاح للعمال ليس في كندا وامريكا في دول عدة في أوروبا وقارات أخرى،وبعد شهر من هذه التظاهرات الاحتجاجية اضطرت الحكومة الامريكية الىتنفيذ لمطالب العمال وتقرر عدد ساعات العمل 8 ساعات ومع مرور الزمن تغَيرت الأوضاع وحقق العمال مطالب أخرى اجتماعية لصالحهم،وفي صيف تموز من سنة 1889 افتتح مؤتمر النواب الاشتراكيين الدولي في العاصمة الفرنسية باريس وحدَد أن يكون الأول من أيار من كل عام عيدا مشتركا لجميع البروليتاريين،وهكذا منذ عام 1890 أصبح الأول من أيار عيدا للطبقة العاملة ويوم عطلة رسمية لهم يحتفلون به،وعليه ففي العديد من الدول الأوروبية الأول من أيار من كل عام هو يوم عيد وعطلة رسمية تتم فيه الاحتفالات وترفع الشعارات التي كانت تندد بالاستعمار والرأسمالية وبجميع المضطهدين لبني البشر وتطور ذلك الى شعارات كنس المستعمر والمحتل وتحقيق المساواة التامة لجميع بني البشر قاطبة ومن أجل الحرية وحقوق الأقليات والمساواة بين جميع المواطنين وتحقيق الاماني لتحرر الشعوب والذوذ عن حقوقهم أينما كانوا ومهما كانت قومياته او ديانتهم وجنسيتهم ولون بشرتهم،ومن يريد المزيد من المعلومات حول ما جرى في بلادنا من تطور لهذه المسيرات فبامكانه ذلك بالرجوع الى الصحف التي كانت تنشر عمَا يجري،اذ كانت النقابة العامة للعمال في هذه البلاد الهستدروت تنظم مسيرة وتظاهرة في تل- أبيب ويشارك فيها حزب العمال الموحد"مبام" وغيره من الأحزاب الصغيرة يحملون الاعلام الحمراء وعلم الدولة،واحيانا كانوا يتفقون عل تنظيم مسيرة مشتركة تشمل الحزب الشيوعي وكانوا يختلفون على نوعية الشعارات وما يكتب عليها،وكان هذا اليوم يوم عطلة تعطل المؤسسات والمشاغل ومعظم أماكن العمل يوما مدفوع الاجر وتطورت الأمور وحتى هذه العطلة كانت أيضا لرجال التربية والتعليم والذين اصبحوا في ما بعد يوقعون على رسالة الى مدير المدرسة يعلمونه بانهم لن يصلوا الى المدرسة في هذا اليوم وكان يوما مدفوع ألاجر،وتدريجيا حتى هذا اليوم اختفى من قائمة المعلمين،ونذَكر بان الذي لم يكن له"ظهر" كان يواجه مشكلة،والمظاهرة الرئيسية للمجتع العربي كانت تقام في مدينة الناصرة مدينة البشارة مهد السيد المسيح عليه السلام ومسيرة جليلية تنطلق من جامع بلدة أبو سنان وصولا الى بلدة كفرياسيف وتستقر في ساحة المجلس المحلي في القرية التي تحولت الى ساحة أول أيار وكان مهرجانا كبيرا ومميزا وننوه الى ان هذه المسيرات كانت باشترك عربي-يهودي رجال ونساء ومن لديه قصاصات من الصحف في تلك الأيام فليحتفظ بها لاهميتها التاريخية والسرديات.

في العديد من الدول الأوروبية خاصة الدول الاسكندنافية حيث كان من المنتظر ان أشارك في مسيرة الأول من أيار والقي كلمة مع زميلين لي من هناك ونتحدث عن أحوال المواطن في المجتمع ومناشدة رؤوساء الحكومات في أوروبا العمل على تحقيق السلام والوئام في العالم وخاصة في الدول المتنازعة وضد الاحتلال والعنصرية والغبن ضد الأقليات ومن أجل التسامح والتفاهم وضد الكراهية ونشر ألآراء العنصرية والتمييز الديني الكراهية للمسلمين واليهود خاصة في أوروبا وكان من المفروض تشكيل سلسلة بشرية من الناس في سبونجا-ستوكهولم عاصمة مملكة السويد يرفعون الرايات والشعارات التي تنادي بمحبة الغير واحترامه والشعار هو"المحبة للجميع،ولا لاحد الكراهية،لكن بسبب جائحة "كورونا" والفيروس والأوضاع لما تسببه هذه الجائحة تقرر تأجيل ذلك ومشاركتي بحديث وشهدت الساحة لا أحد فيها بسبب"الكورونا"وانا بصفتي عضو في الحزب الاشتراكي الديموقراطي أخذ زميلي مني النص والتحية التي نحيي فيها ومن خلالها الطبقة العاملة ليس في مملكة السويد فحسب،بل في أوروبا وغيرها من البلدان التي تحتفل مثلها مثل مملكة السويد بهذا العيد والذي هو يوم عطلة رسمية لجميع العاملين ودون الحاجة ان يوقعوا ويعلنوا ويطلبوا،لان الدولة هي التي تعيَد.

نشير بان هنالك دولا أوروبية تهتم براحة الشغيلة والعمال وفي أماكن العمل الكبيرة هنالك مستخدم مسؤول عن العمال وراحتهم ويهتم بحقوقهم ومتواجد دائما الى جانبهم يساعد ويرشد ويعين خصوصا لهؤلاء الذين قدموا من دول شرق أوسطية ومن غيرها وهذا العام اقبلوا ألاول من أيار عيدا ويوما مدفوع الاجر دون التظاهر والمسيرة بسبب "الكورونا"وعسى أن تكون شدَة وتزول ويهتم المشغل في بلادنا بان هذا اليوم هو عيد ويوم عطلة في العديد من دول العالم ومناسب جدا ان يتمتع العامل الذي يشقى ويعمل وينتج باجازة وتحترم حقوقه وكل عام والجميع بالف خير وعافية ورمضان كريم وحافظوا على حقوق العمال والمستخدمين وتذكروا كتاب "جذور"للكاتب اليكس هيللي، واعمل جنبا الى جنب أخيك باحترام ومحبة ولا تنقص من حقوقه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم