ماذا بعد الاحتفالات الشعبية باضاءة شجرة الميلاد؟
ماذا بعد الاحتفالات الشعبية باضاءة شجرة الميلاد؟
زياد شليوط
يومان أو يوم ويحل عيد الميلاد المجيد، عيد ولادة الطفل يسوع، له المجد. وعلى مدار شهر الميلاد احتفلنا، أضأنا شجرة الميلاد في كل بلدة وقرية وموقع، بل في كل مجمع تجاري وحانوت وزاوية. خرجنا بالعشرات، بالمئات وربما بالألوف للمشاركة في الاحتفالات ومشاهدة المفرقعات والأضواء والزينة والبهرجة. والآن حان الوقت لنستقبل رسول السلام والإنسانية، بهدوء وخشوع مستمدين منه ومن ولادته معنى التواضع والبساطة والتقشف. معنى الشعور مع الفقير واليتيم والشريد والأسير واللاجيء.
كنائسنا تنتظر جمهور المحتفلين للقدوم من أجل الصلاة والسجود. كهنتنا بانتظار الأطفال وذويهم والعائلات لمنحهم البركة وقراءة الانجيل معهم. جمهور المؤمنين في اشتياق للقاء الأخوة معا في بيوت الله لتبادل تهاني العيد، والهتاف معا "المجد لله في الأعالي وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة". العيد ليس مشتريات وزينة وضوضاء وسفر فقط، العيد ليس مظاهر وتظاهر وجمال خارجي. العيد هو الفرح الحقيقي الذي يسكن في قلوبنا، حينما نشعر بالسكينة والأمان والراحة وهدوء البال، عندما نستقبل الطفل الفادي بالتأمل والتفكير والتسبيح والتمجيد.
من حق الأطفال أن يفرحوا، ومن واجب الأهل الا يبخلوا عليهم. من حق الناس أن تخرج من طوق الخوف والقلق نحو الفرح والبهجة والسرور. لكن من حق الأطفال أن يتلقوا التربية الصحيحة، ومن حقهم أن يتعرفوا على صاحب العيد ومعنى العيد الحقيقي، ومن واجب الأهل ان يساعدوهم على ذلك ويفتحوا الطريق امامهم. ومن واجب الناس أن تعي وتتبع أقوال السيد المسيح وليس ترداد اسمه بشكل آلي ودون أي معنى. حتى الغاني والأناشيد الميلادية التي نطرب لها ونرددها وأحيانا نتمايل مع ألحانها، لا ندقق في معناها وما تحمله من رسائل. عندما ننشد ونلوح بأيدينا "روح زورهن في بيتهن.. بيتهن فقير ما عندهن شي"، هل نتذكر فعلا الفقراء والبائسين الذين لا يملكون قوت يومهم أو نقودا لشراء ملابس العيد؟ هل نقدم بسخاء ونساهم في حملات دعم "العائلات المستورة"، كما نسخو على أولادنا وأحفادنا بشراء اللعاب والحلوى لهم؟
وهل نعيش الميلاد فعلا عندما ننشد ونرتل "ليلة الميلاد" وهل نكون في الميلاد حقيقة و"نسقي عَطشانَ كأسَ ماء.. ونكسي عُريانَ ثوبَ حُب .. ونُكفكف الدموعَ في العيون.. ونَفرِشُ القلوبَ بالرجاء"؟ أم هي باتت مجرد كلمات ننشدها ونرددها ومن كثرة تردادها فقدت معناها عندنا؟
لا أحد يعترض على الزينة والاحتفال واضاءة الشجرة، فتلك أمور ضرورية وهامة ولها قيمة ومعنى في حياتنا وأعيادنا، وتدخل الفرح إلى قلوبنا المتعبة. لكن لا ننسى أن السيد المسيح، له المجد، دعانا لأن نلجأ إليه عندما نتعب وتنكسر قلوبنا. فهل نحن على استعداد لتلبية دعوة صاحب العيد؟!
(شفاعمرو- الجليل)
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم
تعليقات