هل سينعم أجيال المستقبل بذكرنا كما ننعم نحن بذكر عظماء الماضي؟!
هل سيترك حاضرنا إرثا يحيط به الخلود ليتناوله الناس بعد قرون آتية؟!
عندما نقارن الماضي الذي تألق بالرسل والعظماء مع هذا الحاضر الرديء، أجد أننا عاجزون عن ترك ما يستحق البقاء للآتين بعدنا في العصور اللاحقة.
أرجو ألا يُفهم من أسئلتي أنني أريد عودة وظهورا للرسل، فهذا أمر ترفضه وتستبعده مفاهيم وحضارة هذه الأيام!! الذي أتمناه لحاضرنا هذا أن يحفل بأمثلة من الأفعال والاقوال بمنزلة ما نقرأه ونحفظه عن عظماء الماضي. يُحكى أن يوسف الصديق لما ملك خزائن الأرض، كان يجوع ويأكل من خبز الشعير، فقيل له: أتجوع وفي يدك خزائن الأرض؟
قال: أخاف أن أشبع فأنسى الجائع.
هل يفعل هذا حكامنا الذين يموتون من التخمة في الوقت الذي يموت فيه الملايين ببطون خاوية؟!
كيف يمكن أن ينشأ بيننا مثيل لرجل لا ينسى جائعا؟ وكيف يمكن لانسان كهذا أن يحيا في مجتمع تتكالب عليه ذوات مخالب الرذيلة ويمسي فيه الخوف ايقاعا للحياة؟!
في زمن يوسف الصديق كان الناس يرون في السكوت عن الباطل بكل أشكاله باطلا أسوأ.. في زمننا هذا- زمن اهتزاز القيم وضياعها يصعب استنساخ الكبار!!
هل يحكمنا في هذا الوطن رجال حشد على الحق؟
في وطننا هذا، وطن الحليب والعسل، يلغي الحاكمون المتجبرون الحقائق والتاريخ.. فبعد مصادرة الأرض وحرية أصحابها يحاولون إلغاء الأسماء والمسميات!!
لديهم تحولت إجراءات الطمس من التاريخ الى الجغرافيا فأمسوا يرون في أسماء المواقع العربية عارا يجب محوه في بلاد تزعم بأنها سيدة الديمقراطيات بل مهدها؟!
كيف يمكن لبلد ديمقراطي أن يبقى ديمقراطيا وهو يصادر تاريخ ولغة موطنيه؟!
دعونا نترك بلاد الحليب والعسل وننظر الى أقطار العرب.. هل نستطيع مثلا أن نجد مثل وقيم عمر بن عبد العزيز، حفيد الفاروق، مُجسدة في حاكم عربي على امتداد أوطاننا من المحيط الى الخليج؟!
ذلك الحفيد الذي لم ينتم إلا للورع ونبل الروح.
لقد كان عمر ربيب نعمة ومع ذلك ارتدى ثوب المتواضع لدرجة أنه كان يشارك في حمل النعش في جنازات البسطاء.. لقد حرص الخليفة العادل على مال الدولة فلم يصرف منه على نفسه وأهل بيته واقاربه.
هل يفعل هذا حكام العرب الجالسون على سدة الحكم مدى الحياة والضامنون حكما مشابها لأبنائهم؟
هل هذه الأنماط
من الحكام ستدخل التاريخ وسفر البقاء ليتذكرها أبناء المستقبل البعيد؟!
هل سيخلد التاريخ في صفحاته الناصعة هذه النماذج الباطلة من مزوري التاريخ وممتهني كرامة البشر؟!
ما أحوجنا هذه الأيام الى حاضر يتكرر فيه ماضي العطاء والبذل واحترام حقوق الأنام؟!!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم