وداعًا علاء!
وداعًا علاء!
يُصِرُّ تمّوز أنْ يكونَ حارًّا، فوقَ عادتِهِ، فيحرقُنا مرّتينِ: واحدةً في الجسدِ، ونحنُ نحتملُها، وواحدةً في القلبِ، وهي فوقَ قدرةِ الاحتمالِ. حرُّ تمّوز يحرقُ مظاهرَ الفرحِ، في موسمِهِ المزدهرِ، لكنّه لنْ يحرقَ الفرحَ، في قلوبِ أهلِهِ، لأنّه مُستمدٌّ من لهيبِ حرِّ تمّوز الحارق للقلبِ، من ابتسامة العلاءِ العاليةِ.
يأخذُ علاء مرقس حلاوةَ التّينِ، وهو ينضجُ، ويشتدُّ عودُهُ على طريقِ النّحلِ؛ يأخذُ سكّرَ العنبِ المـــُشِعِّ ذهبًا يغارُ منه صانعُهُ، فتبكي القطوفُ على حالِها، بدلَ أنْ ترقصَ في أفواهِ المحتفلينَ بجمالِ الحياةِ. يأخذُ علاء عذوبةَ الصّبرِ المــُعتملةَ في صدرِهِ فاكهة، فاخرة، أصيلة، فيها من عبقِ الأجدادِ، وبقاءِ الحاضرِ الكريمِ، فيخلو الصّبرُ من نفسِهِ، كما تخلو ليالي الصّيفِ من عذوبةِ حضورِهِ.
إنَّ عودتَكَ إلى بلدِكَ بعدَ تخرّجِكَ من ألمانيا، دليلٌ على عمقِ انتمائِكَ لمجتمعِكَ، وإنّ عملَكَ معي في أواخر التسعينات، في مكتب صحيفة الإتّحاد، في عكا، دليلٌ على توظيفِ خبراتِكَ العلميّةِ في خدمةِ حزبِكَ، وإنّ دورَكَ القياديَّ في فرعي الحزبِ والجبهة، في كفرياسيف، إلى جانبِ عملِكَ المستقلِّ، دليلٌ على شخصيّتِكَ القياديّة، وعلى وعيِكَ ومسؤوليّتِكَ نحوَ الواقعِ المركّبِ الذي أرهقَنا بتعقيداتِهِ. وإنَّ علاقاتِكَ الطّيّبة بالنّاسِ جميعًا، دليلٌ على معدنِكَ الطّيّبِ، وعلى قلبِكَ العامرِ بالحبِّ، وما أحوجَنا لهذا الحبِّ في علاقاتِنا، التي تَدوسُها المصلحةُ الشّخصيّةُ، وتُهينُها الأنانيّةُ، ويَسحقُها التّفكيرُ الماديُّ على حسابِ قيمِنا، وأخلاقِنا.
حبيبَنا علاء!
لقد سبقَكَ إلى طريقِ الغيابِ رفاقٌ أجلّاءٌ، هم العلاءُ، غابوا بأجسادِهم، وبقيتْ ذكراهُم الطّيّبةُ خالدةً في نفوسِنا، فكيفَ ننسى: مبدا فرحات، نقولا داود، يوسف توفيق شحادة، محمّد نايف الحاج، نور كريّم داود، أحمد شحادة، عبد رضا، نمر مرقس، زادة رضا، رجا فرحات أبو عقل، جورج لاذقاني "الدحبورة"، د. أحمد سعد،حبيب باسيلا أبو عقل، د. محمود سعد، والحبيب الحبيب يني لاذقاني. لقد سبقوك، أيّها الرّفيق، في الحضور بيننا، ومعنا، وفينا، وها أنت تضيءُ نجمَكَ بين هذه الكوكبة، لكي يجلوَ نورُكم عتمَ طريقِنا.
علاء!
لقد بكَتْكَ البلدُ، بحاراتِها، أماكِنِها المقدّسةِ، مؤسّساتِها، أحزابِها، قوائِمِها البلديّةِ، شيبِها وشبّانِها، نسائِها وصباياها، عيونِها وقلوبِها، كلُّها بكتْ زينةَ شبابِ البلدِ. لكنَّ ابتسامتَكَ الهادئةَ، الواثقةَ، التي تَشِعُّ تفاؤلًا وأملًا ستبقى تزيّنُ وجوهَنا، كما ستبقى ذكراكَ العطرةُ تملأُ صدورَنا برائحتِكَ الزّكيةِ.
إياد الحاج
16/7/2019
كفرياسيف
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم
تعليقات