كفوا عن حربكم العبثية الفيسبوكية قبل أن يقع الندم

زياد شليوط

يوما بعد يوم تتصاعد الحرب العبثية الفيسبوكية بين كوادر ونشطاء الأحزاب العربية، التي تنزلق وبشكل متسارع نحو هاوية العداء البهيمي غير المبرر فيما بينهم، وتدل على مدى الكراهية العمياء التي نمت على مر السنوات بين تلك الكوادر، والتي تثبت فشل تجربة "القائمة المشتركة" الذريع، والتي لم تنجح في تحقيق السلم الأهلي بين كوادر مركباتها على الأقل، وفشلت في سائر أهدافها التي رسمتها، وفي مقدمتها مأسسة "القائمة المشتركة"، التي شاخت ورحلت قبل أن يزدهر شبابها.

إن تلك الحرب العبثية، ولم أنعتها بالعبثية عن عبث، ليست "أقرب إلى التأثير" ولا "تؤثر بكرامة" ولا تقف "في المقدمة"، وهي لا تترك أثرا طيبا عند أي متابع، سوى من يحمل نفس الفكر وتبقى تؤثر في حلقة داخلية ومغلقة. هي لا تأتي بنفع انما تخلف وراءها أضرارا كثيرة. هي تخطيء الأهداف التي تسعى إليها، وأحيانا تسجل هدفا ذاتيا أو ترتكب مخالفة بحق فريقها، وتبتعد عن الهدف المنشود والمطلوب. هي تستنفذ طاقات ووقتا لا طائل منه وتوزع الجهود على صغائر الأمور، بدل توجيهها لمركز الملعب والعمل لما فيه فائدة للحزب والجمهور.

بقيت أيام معدودة على يوم الانتخاب، وبدل الانشغال ببعض بتهجمات رخيصة وساقطة ومنفرة، الأفضل للكوادر الحزبية العمل مع بعض (ولو بشكل غير مباشر)، كلّ من منطلقاته من أجل إنجاح حزبه في الانتخابات وتوفير الأصوات له، وتوجيه السهام نحو "العدو" أو الخصم المشترك. إن استمرار الكوادر الحزبية في هذه الحرب العبثية يزيد من نفور الجمهور من التنافس الحزبي الانتخابي ومن السياسة عامة. وبالتالي فهي تجلب لهم الضرر الفادح إذا ما امتنع هذا الجمهور عن التوجه لصناديق الانتخاب، وبقي معتصما في بيوته ومرافقا لزيتونه.

ولا تشغلوا أنفسكم أو تشغلونا بالتباكي والشكوى حول من بدأ الغزو الكلامي. كلكم هاجم بأقذع الكلام والصور وكلكم مسؤول عما بدر منه من سلوكيات مقززة. كلكم صدرت عنكم ألفاظ مقيتة وتوصيفات منفرة وصور مشوهة وادعاءات سخيفة. كلكم ابتعدتم عن جوهر الحملة/ المعركة الانتخابية، وانشغلتم ببعضكم ونسيتم جمهوركم من ناحية، وخصمكم الحقيقي من ناحية أخرى.

لا مكان لمن يطلب من حزب يخوض الانتخابات بشكل منفرد التراجع والانسحاب من المعركة بادعاء "حرق الأصوات". خاصة أن من يطالب بذلك هو نفسه الذي دفع إلى هذا الوضع، عبر المطالبة بأن يخوض كل حزب الانتخابات بمفرده لنعرف قوته الانتخابية، وفيما اذا كان محقا بما يطلبه من مقاعد في "المشتركة". وأستغرب أن القوة التي ترى نفسها مركزية، لم تخض الانتخابات لوحدها كما توعدت وأكدت بأنها لوحدها يمكنها تجاوز نسبة الحسم، فما حاجتها لصرارة تتكيء عليها، ولماذا تبقى تلك الصرارة بعيدة عن تجربة الانتخابات؟

إيجابية هذه الانتخابات – رغم سلبياتها العديدة- أنها ستظهر لنا قوة كل حزب في الشارع العربي، وبالتالي وبعد التجربة المريرة التي نمر بها حاليا، مفروض أن ينتج عنها بعض الحلاوة، بأن يتم إعادة تركيب المشتركة بشكل منصف وعلى أسس جديدة.

بناء عليه، إذا لم توقفوا حربكم العبثية الآن الآن وليس غدا، فلا تلوموا إلا أنفسكم، وليت الندم ينفع بعد فوات الأوان.

(شفاعمرو – الجليل)

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم